الأحلام المعلقة .. آلة الكمان

منذ طفولتي وأنا شغوفة بالموسيقى، أذكر في أيام المدرسة، أنني كنت من ضمن الطالبات اللواتي يعزفن السلام الملكي في الطابور الصباحي، على الرغم من غياب معلمة للموسيقى! ولا أدري لماذا لا تخصص وزارة التربية والتعليم، منهاج للموسيقى في مدارسنا كمادة إلزامية مثلها مثل؛ الرياضيات والعلوم؟ كان إمساكي للاكورديون أمام مئات الطالبات يجعلني أشعر بالرهبة والمتعة في ذات الوقت، على الرغم من الوقت القصير والأغنيات المحددة التي نعزفها، إلا أنها واحدة من أجمل ذكريات المدرسة. 

ابتسم عندما تعيدني الذاكرة إلى طفولتي، حيث الأحلام الطفولية في اقتناء آلة موسيقية أياً كانت، وهذه الأمنية كبرت عندما بدأت الاستماع جيداً لأصوات الآلات، أدركت حينها أن آلة الكمان هي الأقرب إلى قلبي، لكنني لم أخطو أي خطوة للأمام طيلة السنوات التي مضت. في عام 2017 زاد حماسي أكثر عندما كنت أتصفح مقاطع على اليوتيوب لدروس تعلم العزف، وبالمصادفة أو ربما عن سابق تدبير، كان الفيسبوك شريكاً بالمؤامرة الرقيقة عندما قرأ نتائج بحثي، وشاهدت إعلان عن دروة تدريبية للعزف على أي آلة من اختيارك، مع حصولك على الآلة، بتكلفة 150 دينار، وحينها بدأت الدروس في أواخر شهر نيسان على ما أذكر.

كانت الدورة لمدة قصيرة، في مركز موسيقي يحتوي على غرف منفصلة، ثلاثة أيام من كل أسبوع، بمقدار ساعة لكل حصة، تعلمت أساسيات العزف، وأصول وضع الأصابع على الأوتار، وضبط النوتة، والتدرب على مقطوعات صغيرة من كتاب suzuki، بينما الكمان كان صناعة إيطالية بمقاس 4/4، لكنه ليس نخب أول، فهو بالنهاية كمان للمبتدئين، يقدر سعره في الأردن بـ 100 دولار أمريكي، حصلت عليه مع كل مستلزماته؛ الحقيبة، وأوتار إضافية، والألفونة، ومسند لراحة الكتف. حالياً أفكر في شراء نوعية أفضل يدعى otto jos klier 125، صوته عميق جداً وحنون، آآآه نعم أقبل الهدايا😬

في الحقيقة لم يكن التعلم سهلاً، وتطبيق الجانب النظري على الآلة كان مأساوياً بكل ما تحمله الكلمة من معنى، والذي يعزف الكمنجة سوف يفهم ما أعنيه، خاصة أنها تعد من أصعب الألات الوترية. كانت ضرباتي على الأوتار عبارة عن نشاز محض، ناهيك عن إمساكي للقوس بشكل مضحك، وانزلاقه من بين أصابعي، وهذا لم أذكر بعد قرائتي للنوتات الموسيقية كالطفل الذي يتعلم الأبجدية، لا تخافوا هذه البداية فقط، أو ربما سأسميها البدايات الطويلة التي تحتاج نفس طويل جداً، قبل الوصول لمرحلة الاحتراف. على الرغم من مرور سنيتن على اقتنائي لهذه الكمنجة المذهلة، إلا أنني أشعر بالامتلاء والشغف الذي كان ضائعاً، على الرغم من توقفي فترات إن قصرت أو طالت، فسيبقى الكمان هو القرار الصحيح الذي أخذته في حياتي، وسأستمر إلى أن أتقنه جيداً.